Wednesday, February 16, 2011

رواية " صباح في جنين" , لسوزان ابو الهوى

باللغة السويدية للروائية الفلسطينية- الأمريكية سوزان أبو الهوى


اراب نيهيتر-ستوكهولم

15-2-2011

للمرة الأولى تطل على القارئ السويدي رواية مفعمة بالأحاسيس الإنسانية والسياسة لما مر به الشعب الفلسطيني منذ تشريده من بلاده عام 1948 وحتى اليوم، مرورا بحرب 1967, ومعركة الكرامة وحرب أكتوبر والإنتفاضة الأولى والثانية. قصة " صباح في جنين" الرواية الأولى للكاتبة الفلسطينية – الأمريكية سوزان أبو الهوى تحكي قصة عائلة، من قرية عين حوض، تمتد لأربعة أجيال تذكرنا بقليل أو كثير برواية الشهيد غسان كنفاني "عائد إلى حيفا"، والمسلسل التلفزيوني " التغريبة الفلسطينية" للدكتور وليد سيف.

تبدأ الحكاية بعائلة يحيى أبو الهيجا، صاحبة كروم الزيتون في قرية عين حوض منذ عام 1940 التي تعيش بأمان وسلام وهناء , إلى أن أتت حرب 1948 فتحطم السلام وعلى المدى الطويل، وهُجّر أهل القرية وقرى ومدن كثيرة، ولجأ يحيى وأبنائه، حسن ودرويش إلى مخيم جنين. خلال تلك الحرب وتحت زخات الرصاص والقتل قام جندي إسرائيلي بسرقة الحفيد إسماعيل من حضن أمه داليا زوجة حسن، وهكذا تخسر داليا وطنها وابنها الرضيع.

أخذ موشي أفرام الطفل ليقدمه هدية غالية لزوجته التي فقدت والديها واعتدي عليها من قبل جنود النازية ونجت منهم، بعد أن فقدت القدرة على الانجاب.

أراد موشي تعويض ضعف زوجته بطفل فلسطيني تتبناه، وبذلك ينشأ إسماعيل، تحت إسم دافيد آفرام، الذي يخدم فيما بعد كجندي إسرائيلي في جنين منكلا بعائلته الأصلية, فيضرب ويعذب أخيه المقاوم يوسف عند أحد الحواجز. يوسف الذي قدر بأن معذبه هو أخيه إسماعيل الذي أصيب وهو رضيع بجرح ترك ندبة على وجهه الذي يشبه وجه يوسف.

ترزق داليا بفتاة تسميها آمال، الشخصية التي تنقل الأحداث في الأبواب ال 48 من الكتاب المؤلف من 380 صفحة. تصاب أمال في حرب عام 1967 بطلقة في بطنها وهي مختبئة في حفرة في مطبخ المنزل، ويختفي أبوها حسن،ربما استشهد، الأمر الذي يفقد داليا زوجها وعقلها، ومن ثم تصارع المرض لتتوفى في عام 1969.

بينما تتابع آمال حياتها بعيدة عما تبقى من أهلها في مدرسة داخلية، دار الطفل العربي" في القدس، حيث تحصل على بعثة دراسية في أمريكا. و يتزوج يوسف من فاطمة التي أحبها وينتقل مع المقاومة الفلسطينية إلى الأردن وبعدها إلى بيروت ويرزق بطفلة يسميها فلسطين.

يتصل يوسف عام 1981 من بيروت هاتفيا بأخته آمال التي تهرع لتسافر إليه وتقابله في مخيم شاتيلا. وهناك تقع آمال في حب الطبيب ماجد، صديق عائلة يوسف، وتتزوجه وتحمل منه، وتعود إلى أمريكا لمتابعة إجراءات السفر لماجد ويوسف مع عائلته.

أثناء ذلك تغزو إسرائيل لبنان، عام 1982، فيخرج رجال منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت بوعود أمريكية لحماية من تبقى من الفلسطينيين هناك. في تلك الحرب تخسر آمال زوجها الذي أحبت بقصف على بيته، وتقتل فاطمة ببقر بطنها وإخراج جنينها, وتذبح ابنتها فلسطين في حضنها. أما يوسف المفجوع فيقوم بتفجير نفسه بالمقر العسكري الأمريكي في بيروت فيقتل ويجرح عشرات الجنود، ويتهم بالإعلام الأمريكي بالإرهاب. ويتم على إثرها ملاحقة آمال في أمريكا مخابراتيا من جراء فعلة أخيها يوسف .

تتابع آمال حياتها مع ابنتها سارة في أمريكا جسديا بينما روحها وقلبها وعقلها و جذورها في وطنها فلسطين، الأمر الذي انتقل إلى الإبنة سارة، التي أرادت العودة للوطن والتعرف عليه وعلى من تبقى من أفراد العائلة. في هذه الأثناء يشارف موشي على الموت ويبوح بالسر لإبنه دافيد " إسماعيل"، الذي يبدأ التفتيش عن عائلته ليصل إلى آمال، طرف الخيط في أمريكا.

تعود آمال وسارة إلى مخيم جنين ويلتقيا بإسماعيل، الذي طلقته زوجته بعد معرفتها بأنه عربي، ولحق بها أحد أبنائها وتركها الآخر ليعيش مع أبيه ،دافيد. يهاجم الجيش الإسرائيلي مخيم جنين عام 2002 ، ويرتكب المجازر هناك، أثنائها كانت آمال وسارة في زيارة إحدى صديقات الطفولة في المخيم. وجه أحد الجنود الإسرائيليين بندقيته إلى سارة ليقتلها فسارعت الأم بحماية ابنتها فتلقت الرصاصة التي أسقطتها على الأرض التي أحبتها. قام اسماعيل بدفن أخته آمال. في ظل تلك الأحداث تظهر شخصية البروفسوراليهودي آري، الذي كان صديق الطفولة للجد حسن.حيث كان حسن قد أنقذ حياته في حرب 1948، ليصطحب أري سارة إلى عين حوض ويدلها على بيت عائلتها هناك , يطرق الباب على العائلة اليهودية التي أتت من بقاع الأرض، مستعمرة لتسكنه، ويتم طردهم من هناك.

يبدو أن هذه الرواية، التي ستترجم إلى 19 لغة، وهي رواية تتصدر الأدب المهجري المقاوم، وحسب تقييم نقاد وأدباء سويديين، ستكون من روايات الأدب العالمي، رغم أنها التجربة الأولى لسوزان أبو الهوى، الباحثة في علم الادوية والكيمياء الحيوية .

يقول فيها الروائي السويدي الكبير هينينج مانكل: لم أقرأ في حياتي رواية جذبتني عن فلسطين كهذه. لقد زودتني بالإدراك وهيجت أحاسيسي وعواطفي، كما يمكن للروايات العظمى أن تفعل.

وكقارئ فلسطيني للرواية فقد رأيت نفسي في عدد من المشاهد التي صورتها لنا أبو الهوى.

وأكثر ماتطابق في الرواية مع سلسلة حياتي هو

أولا: صورة الغلاف التي تظهر سيدة بثوب فلسطيني تحمل على كتفها طفل بعمر سنتين تدير وجهها مغادرة موقع تنتمي إليه. صورة تتطابق مع حمل والدتي لي على كتفيها وكان عمري سنتين، وكانت تحمل في رحمها إبنها الثالث، وجائها المخاض أثناء مسيرها على الطريق من صفد إلى لبنان ليتم نقلها إلى مشفى في حلب لتضع طفلها الثالث.

وثانيا مسيرتي في العمل الفلسطيني في المخيمات وفي الشتات.

وثالثا زيارتي التي قمت بها إلى صفد، عام 1989، حيث وقفت أمام بيتنا ومنعت من الدخول إليه من قبل العائلة اليهودية التي جاءت من أصقاع الأرض واستولت عليه.

ورابعا إصرار الفلسطينيين جيلا بعد جيل على حمل القضية في قلوبهم وعقولهم ونقلها إلى الرأي العام الدولي لمتابعة النضال، وكاتبة الرواية السيدة سوزان المولودة في الكويت عام 1970 خير برهان على الأجيال التي ولدت بعد النكبة بعقود,

لكنها تفهم القضية كما هي بتفاصيلها الإنسانية الدقيقة.



قراءة وتعليق رشيد الحجة

صحافي فلسطيني مقيم في أوبسالا - السويد

2 comments:

Anonymous said...

Merci d'avoir un blog interessant

Anonymous said...

thanks for this nice tips 147896325